بعد عقد سينمائي طرأت فيه العديد من التغيرات الجذرية في صناعة الصور المتحركة, والذي تنبأ فيه الكثيرون في مطلعه على اجتياح الصناعة الرقمية للسينما, والتي لم تبدوا بأن الصناعة فحسب من تحولت الى رقمية ففيه قد أعلن ميلاد خدمة وسائل العرض المنزلية والتي نتج من خلالها تحول عدد كبير من مشاهدين السينما من قاصدين لدور العرض إلى مشاهدين للسينما الحصرية في منازلهم, ونحن الآن في صدد عقدٍ جديد تملؤه التحديات وتصعب فيه التكهنات, وهناك العديد من صناع السينما الذين سيلتحقون بنا بأعمالٍ في بداية هذا العقد, منهم من ظهر بريقه في العقد الماضي ومنهم من قد برز بريقه في عقود قبلها, سأستعرض بناءًا على ذائقة شخصية أبرز الأعمال السينمائية المنتظرة لعام 2020

The French Dispatch (ويس اندرسون)
في كل عامٍ يَصنع فيه ويس أندرسون فيلماً هو بلا شك عام حافل, أحد أبرز مخرجي سينما المؤلف الأمريكيين والذي لطالما عُرفت أفلامه بسرعتها السردية وبحسها الكوميدي والمبهج رغم أخذها لمواضع جدية تميل للميلانخولية أحياناً وبسرديته البصرية والمرتبطة دائماً بأسمه عبر الألوان والديكورات وحركة الكاميرا المسطحة والرتيبة والتي تبدوا وكأنها أُخذت عبر قياسات هندسية لشدة رتابتها ودقتها، وعلى نهج فيلميه الاخيرين (آيل اوف دوغز) و(ذا غراند بودابست هوتيل) يقدم فيلما مع مجموعة ضخمة من الممثلين يتقدمها تيموثي شالاميه، وسيرشا رونان، ولي سايدو وبيل موراي الذي دوماً ما كان اسمه مرتبطا بأعمال ويس اندرسون، وعبر ثلاثة خطوط سردية تقع احداث الفيلم في مدينةٍ فرنسية خيالية في القرن العشرين وعلى حد وصف الشركة المنتجة للفيلم فإن ويس قد خط من خلال هذا العمل رسالة حب يقدمها للصحافة

The Perfumed Hill (عبدالرحمن سيساكو)
بعد عثمان سيسوكو وجبريل ديوب وهالي جيريما يأتي الموريتاني عبدالرحمن سيساكو حاملاً الإرث السينمائي للقارة الأفريقية في يومنا هذا, فبعد فيلم (تومبكتو) الذي حضي بقبول نقدي وجماهيري على نطاقٍ واسع حائزاً بذلك على سبعة جوائز سيزار, يقدم فيلماً قام بتصويره العام الماضي واكتفى سيساكو بوصفه للفيلم قائلاً بأنه قصة حب بين إفريقيا والصين

Manor House (كريستي بيو)
لا أعتقد بأن هناك من ينكر مدى قوة فيلم (موت السيد لازارسكو) في تأثيره وفي صنعته عبر وصوله لأقصى درجات الذروة لدى الواقعية السينمائية قابضاً كريستي بيده على كل ما تحملة اللحظة الزمنية في جوّها من حقيقة, ولا إلى حدة توتر فيلمه (سييرانيفادا) الذي كان ركاماً من الجدالات والعلاقات المشتحنة, كريستي بيو احد العلامات الرئيسية والهامة للموجة الرومانية الجديدة سيقوم بإفتتاح مهرجان برلين السينمائي لعام 2020 بفيلمٍ تتجاوز مدته الثلاثة ساعات والعشرون دقيقة, والتي تقع احداثة في بدايات القرن العشرين وكعادة أفلام بيو التي تبتعد عن اسلوب السرد القصصي التقليدي فهو فيلم عن خمسة أفراد ينخرطون في حوارات فيما بينهم والتي قد تصبح فلسفية أحيانا في قلعةٍ تحومها الثلوج في مقاطعة ترانسلفانيا في رومانيا

On The Rocks (صوفيا كوبولا)
عندما يظهر اسميّ كلاً من صوفيا كوبولا وبيل موراي في جملةٍ واحدة سرعان ما تذهب أذهاننا نحو تحفتهم الآسرة (لوست ان ترانزلشن), وهاهم الآن يحييان تعاوناً جديدا بفيلم عند نظرنا لطاقم ممثليه “بيل موراي, جيني سليت, مارلون واينز” سيبدوا إلى حدٍ ما وكأنه طاقم لفيلم كوميدي, وهذا ليس بالشيء الغريب ولا بالجديد على أفلام صوفيا كوبولا فقد كانت دائماً ما تبدي اهتمامهاً محسوس بالفكاهه في أفلامٍ سابقة في مسيرتها كما حدث في (سموير) وفي (لوست ان ترانزلشن) أيضاً, وعن هذا الفيلم فهي تسلط الضوء عن أمٍ تعيد اتصالها بوالد ابنها (بيل موراي) المنغمس الملذات في مغامرةٍ عبر نيويورك. وكأنها عودة لدون جونستن من (بروكن فلورز)

Memoria (أبيتشاتبونغ ويراسيثاكول)
لأول مرةٍ خارج حدوده المألوفه, بعيداً عن الأدغال والميثلوجيات التايلندية, أبيشاتبونغ ويراسيثاكول مخرج فيلم (العم بونمي) أحد أهم الانجازات السينمائية في العقد الماضي, يصنع فيلماً مع مجموعةٍ من الممثلين الكبار كتيلدا سوينتن والفرنسية جان بالبيبار التي قد زاملت أبيتشاتبونغ في لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي عام 2008, ودانييل خيمينيز كاتشو الذي كان مذهلاً بدوره في فيلم لوكريسيا مارتيل الأخير (زاما), حتى وإن كانت الحبكات ليست بذلك الشيء المهم في أفلام أبيتشاتبونغ إذ لا بد من ذكرها حيث يدور الفيلم حول إمرأة اسكوتلندية (تيلدا سوينتن) خلال رحلتها إلى كولومبيا والتي تبدأ فيها بملاحظة أصوات غريبة في ذهنها ولكن هذه الملاحظات تبدأ بتحولها لمخاوف على أن تصبح حقيقة, يبدوا بأنه فيلمٌ فيه كل ما يبحث عنه محبي سينما أبيشاتبونغ, سفوح أمريكا الجنوبية وليالٍ وأصوات, وصراعاتٌ داخلية ليس فيما هو حقيقيٌ ولا خيال ولكن فيما هو فاصلٌ بينهما

The Story of My life (إيلديكو إينيدي)
بعد توقفها عن صناعة الأفلام 18 سنة, عادت مخرجة فيلم (قرني العشرين) المجرية ايلديكو إيندي بفيلمها الفائز بدب برلين الذهبي (أون بودي أند سول) الذي صنعته بطاقم أغلبه كان من طلابها, ها هي الآن على مشارف أن تقدم فيلمها الذي يليه والمقتبس من رواية الشاعر والروائي المجري ميلان فيوست (قصة حياتي), والذي سيكون من بطولة الفرنسيين لي سايدو ولويس غاريل, حيث تدور أحداث الفيلم عن بحار يقوم برهان في إحدى المقاهي على أن يقوم بالزواج على أول إمرأة تدخل المقهى

Benedetta (بول فيرهوفن)
سينما فيرهوفن غالباً ما تعتمد على عاملين رئيسيين, الأول هو مزيج ما بين الجنس والعنف المفرط والعامل الثاني هو هجاء اجتماعي وسخرية من العامل الأول, في هذا العمل الذي كان مقرراً عرضه العام الماضي حيث تم تأجيلة لأسبابٍ صحية عانى منها فيرهوفن في مطلع العام الماضي, سيتم عرضه هذا العام وفي ثاني أفلامه الفرنسية بعد (إيل), يحول قصة الراهبة بينيديتا كارليني إلى عملٍ سينمائي, بينديتا كارليني (فيرجين إيفرا) راهبة كاثوليكية تعيش في ديرٍ للرهبان في القرن السابع عشر تواجهها رؤىً تختلط من كونها دينية وجنسيةٍ شهوانية, مما يقودها إلى الوقوع في علاقة مثلية

After Yang (كوغونادا)
نتذكر جيداً كم كان فيلم (كولومبوس) نقي الروح, غنيٌ بالجمال, ودافئٌ على القلب, ها هو كوغونادا يقدم ثاني أفلامه الطويلة هذا العام وتعاون اخر مع المتميزة من بين منهم بجيلها هالي لو ريتشاردون والممثل كولين فاريل, مقتبسٌ من قصة الخيال العلمي القصيرة (وداعاً ليانغ) للكاتب أليكساندر واينستين, يتبع الفيلم أب وإبنته الذين يبذلون قصار جهدهم في إنقاذ روبوتي يعدونه فرداً من أفراد العائلة, قد تكون حبكة الفيلم بعيدة قليلاً عن الأرض التي بسط كوغونادا عليها فيلمه الأول, ولكنها ما زالت تحت سماء الحميمية التي كانت ممطرة في (كولومبوس)

Eureka (ليساندرو ألونسو)
صنع ليساندرو ألونسو خمسة أفلام طويلة, ودائما ما كان هناك شيء مشترك في الأفلام هذه, وهو بتصويرها لأفراد بعيدين كل البعد عن ضجيج الحياة الإجتماعية, غارقين في أعماق وحدتهم, بعينٍ شديدة الموضوعية تسترق بصرها لكي توثق تلك العزلة, هذا الفيلم حتى وإن لم يتأكد ما إذا كان الفيلم إصداره هذا العام أم لا, ولكن كل شيء في جدول الإنتاج يشير إلى ذلك, سيكون الفيلم عبارة عن رحلة عبر الزمان والمكان, ما بين عامي 1870 و 2019, في الولايات المتحدة والمكسيك وغابات الأمازون مركزاً على ثقافة الهنود الحمر

Three Floors (ناني موريتي)
عند النظر لتاريخ السينما الإيطالية من ماضيها وصولاً إلى حاضرها فأنه يصعب علينا بعض الشيء تحديد موقع ناني موريتي بينها, فهو المخرج الذي صنع أفلاماً طويله منذ السبعينات وبفيلمه الجديد هذا سيكون مخرجاً قد صنع أفلاماً على مدار 5 عقود وهنا وكعادة أفلامه الأخرى يشغر ناني أحد الأدوار التمثيلية في الفيلم كما ينضم إليه عدداً من الممثلين الإيطاليين أمثال ريكاردو سكامارتشيو, ومارغاريتا باي, وآنا بونايوتو, وألبا رورواخر التي إعتدنا رؤيتها بأفلام شقيقتها الصغرى أليتشي رورواخر, وبطابعه الاسقاطي المعتاد يدور فيلم ناني موريتي عن ثلاثة عوائلٍ تعيش كلٌ منها في طابق داخل مجمعٍ سكني برجوازي

Annette (ليو كاراكس)
معرفة أنه فيلم للمخرج الفرنسي ليو كاراكس كافٍ ليجعله احد أكثر الأفلام ترقباً لهذا العام, ما يجعل كاراكس واحداً من ضمن أفضل صناع السينما في عصرنا الحالي هو وفاءه الملحوظ للوسيلة السينمائية في جميع أعماله، نرى الأدوات جميعها تعمل جاهده لتحقيق الكمال البصري والسمعي، قد لا يبالي كاراكس بوصوله إلى الحقيقة، ولكن وربما الحلم.. أليست السينما هي الوسيلة الفنية الأقرب إلى الحلم؟ ولكن أي نوعٍ من الأحلام هي أفلام كاراكس؟ بالطبع هي ليست كوابيس ولكنها حلمٌ قد يصل بك إلى الذروه في نهايته, وتختلف أفلامه فيما بينها في موضوعها ولكنها تتشارك جميعها بتضمنها شخصين مختلفين عن بعضيهما لدرجة أن يناقض كلٌ منهما في شخصيته الأخر ولكن يربطهم الحب، حتى في أكثر أفلامه تجريديةً (هولي موتورز) نرى ثيمة الحب تطفو في أجواء تلك تحفة الغرائبية, وفي هذا الفيلم والذي رأى النور أخيراً بعد أن واجه العديد من المصاعب في تمويله, سيقدم كاراكس فيلماً موسيقاً حول علاقة حب بين كوميدي هزلي (أدم درايفر) ومغنية أوبرا (ماريون كوتيارد)

Dune (ديني فيلنوف)
عندما سُئل ديني فيلنوف عن دون وكيف سيكون, أجاب بأنه سيكون “ستار وارز الخاص بالبالغين” لا عجب وهذا لأن العديد من الأفكار التي بنيت عليها أفلام ستار وارز مستوحاه من رواية الخيال العلمي الشهيرة لفرانك هربرت (الكثبان), فيلم فيلنوف سيكون ثالث الأعمال السينمائية التي حولت الرواية إلى فيلم, أولها كان فيلم ديفيد لينش والذي كان بنفس الإسم في عام 1984 وثانيها كان فيلماً تلفازياً عُرض عام 2000 وحمل نفس الاسم هو الأخر, ولكي يغطي جوانب الرواية بشكلٍ كامل ذكر فيلنوف بأن العمل سينقسم الى فيلمين وهذا هو أولها, حيث تدور أحداثه في المستقبل البعيد عن الفتى بول أتريدس (تيموثي شالاميه) الذي تسيطر عائلتة على كوكب أراكيس, الكوكب الوحيد الذي يملك المادة الأهم قيمةً في الكون وهي دواء الميلانج, وينضم لتيموثي شالاميه عددٌ كبير من ممثلي هوليوود أمثال ريبيكا فيرغسون, وجيسون مموا, وزيندايا, وأوسكار آيزك, وجوش برولين, كما أن موعد إصدار الفيلم في صالات السينما سيكون في الثامن عشر من ديسمبر لهذا العام في جميع أنحاء العالم

I’m Thinking of Ending Things (تشارلي كوفمان)
ما يميز أفلام تشارلي كوفمان عن غيرها هو شكلها الكتابي المعقد وخروجها عن المألوف في بناءها، وتعاطيها الدائم لموضوعات فلسفية عن الانسان والحياة والموت والحب بإبتكارية في التطبيق، فدائماً ما يعبر في افلامه عن الحالة العقلية للكائن البشري، فهو يغوص فيها باستمرار ويستعرضها عبر ما هو في محيطها بغرابة يميل شكلها لأن تكون سريالية روائية، ذلك النوع من السريالية الذي نشعر به في أعمال كافكا على سبيل المثال، فما يخلقه دوماً هو تفاعل ما هو محيط بشخصياته الرئيسية طبقاً لحالتهم العقلية وكأنها تستجيب لتعبر عن الحالة الداخلية بشكلٍ مرئي، يفكك كوفمان ويركب ويتحول ما هو ميتافيزيقي ليصبح بهيئةٍ مادية، ما هو داخل نراه يهرب خارجاً، واحياناً يسكن ما هو خارج الى الداخل، كما دخل كريغ شوارز في عقل جون مالكوفيتش, وفي هذا الفيلم والذي سيكون من إنتاج نيتفلكيس سيقتبس كوفمان رواية الرعب “أفكر في انهاء الاشياء” للكاتب آين ريد, والتي تتحدث عن زوج يأخذ زوجته للقاء والديه وأثناء هذه الرحلة يحدث تغيرٌ وانعطافه في مسار علاقتهم تحول هذه الرحلة الى رعبٌ مطلق ومزيجٌ من التوتر والوهن النفسي

Bergman Island (ميا هانسن لوف)
أخرجت ميا هانسن لوف أفلاماً رائعة عدة في مسيرتها التي بدأت منذ ما يقارب الخمسة عشر عاماً كفيلمها مع الممثلة إيزابيل هوبير (المستقبل), وفيلمها الروميري المذهل (وداعاً, يا حبي الأول), فهي بلا شك احد الأبرز في جيلها من المخرجين الفرنسيين، فهي تحاكي في أفلامها الحياة دائما مع الالتزام الموضوعي في الطرح، إنها أفلام خالية من الميلودراما رغم انها تحكي لنا وقائع أزمات شخصية، مما يجعل بعض مشاهدي سينما شباك التذاكر يعيشون توهاناً اتصالياً في تجربتهم السينمائية لأفلامها لشدة التزامها بذلك، هناك الكثير من الحميمية في اجواء افلامها التي غالباً ما تحوم حول العلاقات, رومنسيةً كانت ام عائلية، والاهتمام الاكبر لا يكمن في العلاقة نفسها لكن في الأثار الذي تتركها على حياة شخصياتها الرئيسية، لا في العلاقة كعنصر مجرد ولكن في ما يأتي بعد ذلك، ونادر ما نرى لحظات عاطفية في افلامها في المقابل تواجهنا لحظات كثيرة عن ما يلي ذلك، وإن أظهرتها فإنها غالباً ما تأخذ شكلاً مربكاً بعيد كل البعد عن الجو الحميمي العام للفيلم, ستقدم هذا العام ميا هانسن لوف فيلماً تدور أحداثه في جزيرة فارو السويدية, الجزيرة التي صور فيها انغمار بيرغمان معظم أفلامه, عن زوجين يعملون كمخرجين سينمائيين حيث يذهبون إلى جزيرة بيرغمان بحثاً عن الإلهام بين صخورها ومناظرها الطبيعية, سيكون من بطولة كل من فيكي كريبز, وتيم روث, وميا فاشكوفسكا, واندرس دانيلسن لي

Isabella (ماتياس بينيرو)
يصعب إنكار تطور السينما الأرجنتينية الملحوظ في العقدين الأخيرين وإن كان التطور نتج عن اجتهادات فردية من صناع الأفلام لا من الصناعة المحركة للسينما نفسها, ماتياس بينيرو هو احدى أولئك المخرجين, والذي بدأ مع أفلام مثل (فيولا) و(ملكة فرنسا), وفيلم (هرميا وهيلينا) رغم أنه كان أمريكياً في مكان احداثه ولغته الناطق بها ألا أنه كان مفتاحاً مهماً لوصول أسمه إلى الساحة, يقدم ماتياس هذا العام فيلماً مع الممثلات اللاتي اعتاد دوماً العمل معهم كماريا فيلار وأوغستينا مونيوز وتكملةً لاقتباساته الشكسبيرية هذه المرة مع مسرحية (الصاع بالصاع), لكن كما نعرف فأفلامه لا تأخذ من شكسبير حرفياً, ولكنها تضعه خلف ما يحدث في الشاشة, فأفلام حرّه بالمعنى السردي, حرة في أن لا يمسها من هو خارج الإطار السينمائي ليغير ما هو داخله, لا يحرك ماتياس الفيلم ولكنه يجعله يحرك نفسه بنفسه بشعور يجعل المشاهد يعتقد بأنه لا يمضي من الفيلم سوى وقته, ولكن التفاصيل الدقيقة والصغيرة التي يضعها ماتياس داخل الفيلم وتفاعل الممثلين معها هي حيث تكمن روعة أفلامه

Undine (كريستيان بيتزولد)
رغم مزاولته صناعة الأفلام منذ التسعينات, ألا أن بريق كريستيان بيتزولد لم يسطع أبداً كما سطع في العقد الماضي مع أفلام مثل (باربارا) و(فينيكس) و(ترانسيت), تتميز أفلام كريستيان بيتزولد بكونها أفلام ذات طابع قصصي شاعري, وعلى رغم سرديتها الخطية ألا أننا لو قمنا بإلقاء نظره على أفلامه وأخذنا حبكتها أخذاً مجرداً فستبدو وكأنها قصصاً يمكن معالجتها على أن تصبح قصائد شعرية, وفي هذا الفيلم يبدوا بأنه سيأخذ منحنى أخر مختلف عن ما سلكه في أعماله السابقة إذ سيستوحي في فيلمه الميثولوجيا الشهيرة أوندين ليصنع منها نسخةً حديثة, أوندين, الحورية الخالدة, التي تسكن في قاع البحر, حيث تقوم بتضحيات تقودها لفقدان خلوديتها بسبب وقوعها في حب أحد الذين يعيشون في الأعلى من البشر, وسيكون الفيلم من بطولة باولا بير وفرانز روجوفسكي بطلا فيلمه السابق (ترانسيت), والذين على ما يبدوا بأنهما سيحلان مكان نينا هوس وبينو فورمان في أفلام بيتزولد القادمة